Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
،،،{"المَعْرِفَة"}،،،

قصيدة فتح عمورية) : أبو تمام )

Publié le 21 Novembre 2013 par Eze Mohamed

قصيدة فتح عمورية

( أبو تمام )

أبو تمام: (180- 228 هـ \ 796 - 843 م)

نص قصيدة فتح عمورية

فـي حـده الـحد بين الجد واللعبِ

الـسيف أصـدق أنـباءً من الكتب

متـونهن جـلاء الـشك والـريبِ

بيض الصفائح لا سود الصحائف في

بين الخميسين لا في السبعة الشهبِ

والـعلم فـي شـهب الأرماح لامعة

صاغوه متن زخرفٍ فيها ومن كذب؟

أيـن الـرواية بـل أين النجوم وما

عـنهن في صفر الأصفار أو رجبِ

عـجـائباً زعـموا الأيـام مـجلفةً

إذا بـدا الـكوكبُ الغربي ذو الذنبِ

وخـوّفوا الـناس من دهياء مظلمةٍ

مـا كـان منقلباً أو غـير منقلبِ

وصـيّروا الأبـرُجَ الـعليا مـرتبةً

مـا دار فـي فـلكٍ منها وفي قطبِ

يـقضون بـالأمر عنها وهي غافلةٌ

لـم تـخف ماحل بالأوثان والصلبِ

لـو بـينت قـط أمـراً قبل موقعهِ

نـظم من الشعر أو نثر من الخطبِ

فـتح الـفتوح تـعالى أن يحيط به

وتـبرز الأرض فـي أثوابها القشبِ

فـتح تـفتح أبـواب الـسماء لـه

عـنك الـمنى حـفلاً معسولة الحلبِ

يـا يوم وقـعة (عمورية) انصرفت

والـمشركين ودار الشرك في صبب

أبـقيت جـدّ بني الإسلام في صعد

لـلنار يوماً ذليل الصتخر والخشبِ

لـقد تـركت أمـير الـمؤمنين بها

يشله وسـطها صـبح مـن اللهبِ

غـادرت فيها بهيم الليل وهو ضحى

عـن لـونها أو كأن الشمس لم تغبِ

حـتى كـأن جلابيب الدجى رغبت

و ظلمة من دخان في ضحى شحبِ

ضـوء مـن الـنار والظلماء عاكفة

والـشمس واجـبه في ذا ولم iiتجبِ

فـالـشمس واجبة في ذا ولم iiتجب

جـاءت بـشاشته عن سوء منقلبِ

وحـسـن مـنقلب تـبدو iعـواقبه

لـه الـمنية بـين السمر والقضبِ

لـم يعلم الكفر كم من أعصرً كمنت

لـلـه مـرتقب فـي الله مـرتغبِ

تـدبـير مـعتصمٍ بـا لـله مـنتقم

إلا تـقـدمه جـيش مـن iلـرعبِ

لـم يـغز قـوماً ولم ينهض إلى بلدٍ

مـن نـفسه وحدها في جحفلٍ لجبِ

لـو لـم يقد جحفلاً يوم الوغي لغدا

ولـو رمـى بك غير الله لم تصبِ

رمـى بـك الله بـرجيها فـهدمها

ولـو أجـبت بغير السيف لم تجبِ

أجـبته مـعلناً بـالسيف مـنصلتاً

ولـم نـعرج عـلى الأوتاد والطنبِ

حـتى تـركت عمود الشرك منقعراً

يـوم الكريهة في المسلوب لا السلبِ

إن الأسـود أسـود الـغاب هـمتها

جـلودهم قـبل نضج التين والعنبِ

تـسعون ألفاً كأساد الشرى نضجت

طابت و لو ضمخت بالمسك لم تطبِ

يـارب حـوباء لـما أجتث دابرهم

جـرثومة الدين و الإسلام والحسبِ

خـليفة الله جـازي الله سـعيك عن

نـال إلاّ عـلى جـسرٍ مـن التعبِ

بـصرت با لراحة الكبرى فلم ترها

فـر الـوجوه وجـلت أوجه العربِ

أبقيت بين الأصفر المصفرِ كاسمهمُ

تاريخه :
ولد حبيب بن أوس الطائي المعروف بأبي تمام في جاسم قرب دمشق سنة 180 هـ / 796 م. ونشأ في دمشق، درس الثقافة العربية وشدا الشعر مُتًكَسِبَاً. تنقل بين الشام ومصر والجزيرة وأرمينيا وأذربيجان والعراق وخراسان، يمدح الخلفاء والأمراء والقادة الكبار. اتصل بالمعتصم وأصبح شاعره ورفيقه . له ديوان معظمه في المدح ووصف البطولات. اتخذ لنفسه مذهباً خاصاً يعتمد على الابتكار في المعاني والصور.

شخصيته أبو تمام :
رجل الانفعالات الشديدة ، والعنوان الطموح ، والخيال الغني الجبار ، والتفكير العميق ، والإنفراديه الفكرية ، ورجل التقليد الكلاسيكي العاقل ، ورجل التدين غير الملتزم .

أدبه :
أخرج عدة كتب، جمعت فيها مختاراته من الشعر مثل "الاختيارات من شعر الشعراء" و "الاختيار من أشعار القبائل"، و "أشعار الفحول" و "أشعار المحدثين"، وطبع منها "الحماسة" و "الحماسة الصغرى".

شاعر المدح:
مدحه تقليدي المعاني والأسلوب يحفل بالصخب الهدار والزخارف البيانية والإبداعية ولا سيما الجناس والطباق، كما يحفل بالأغراب والتعقيد والغموض، ولهجة أبي تمام فيه ملكية أرسطقراتية ونزعته في وصف القتال ملحمية، فإنه قد استطاع أن يكون شاعر المعنى العميق، والصورة المدهشة والسمو الصاعق .

شاعر الرثاء:
لأبي تمام رثاء عاطفي صادق في ذويه وأصدقاءه ورثاء مجاملة في غيرهم من الناس .

أهمية القصيدة في الشعر العربي

معظم شعر أبي تمام في المدح لأنه كان من الشعراء المتكسبين فقد مدح أبو تمام أكثر من ستين شخصاً لطمعه في المال والشهرة، وقد تحققت آماله بعد صبر طويل وسعي عنيد .

معاني مدح أبي تمام هي المعاني التقليدية المضخمة و المبالغ فيها ، وهي تلك التي تعود الشعراء أن ينعتوا بها الممدوحين ، والتي كان الممدوحين يرتاحون إليها وتطيب نفوسهم بها . يعني بهذه المعاني الشجاعة والإقدام وحسن التبصر والفطنة وبعد النظر في الناس وفي الأمور،والسيطرة على العدو والفتك بكل عنيد جبار، والإخلاص للدين وأبناءه والإتيان بالجليل من الأعمال والسمو إلى كل رفيع ومعتال وخصوصاً معاني الكلام .

إذا القينا نظرة على بائية أبي تمام في مدح المعتصم وفتح عمورية وجدنا أن القصيدة مزيج من فن غنائي وفن ملحمي :

أما الغنائيه ففي التعبير عن شتى عواطف الإنتصار في عمورية ، إلى إعجاب الخليفة إلى غير ذلك ، والحيوية التي لا تخلو من عنف .

أما الملحمية ففي ذكر الأسلحة ووصفها ، وفي وصف القتال وإحراق عمورية وفي سرد أخبار المعتصم الحربية وفي المغالاة الأسطورية ، والموسيقى الشديدة الوقع التي تصاعدت من وزن القصيدة وقافيتها وأخيراً في الروح القومية التي تعلي شأن العرب وتحط من شأن الروم البيزنطيين .

نلمس في القصيدة الترابط الفكري تمده الحياة العباسية التي زخر جوها بالعلم والفلسفة فالشاعر يفتتح قصيدته بمقارنة بين السلاح والتنجيم ويجعل السلاح طريق الإنتصار ثم جعل فتح عمورية برهاناً على صحة قصيدته فيصف ذلك الفتح ثم ينتقل إلى الخليفة الذي قام بالفتح ويمدح شجاعته وبطولته ، وهكذا تلمس في القصيدة بناء متلاحم الأجزاء.

في القصيدة ثمة خيال عجيب في المقدرة على خلق الصورة وتركيبها تركيباً حافلاً بالتعقيد وأبو تمام شديد الإعتماد على الصور للتعبير عن معانيه يسكب عليها من انفعاله النفسي حياة وحركة ، وهو يعمد في شعره إلى التهذيب والتثقيف ويمعن في ذلك إمعاناً حتى تحسب أن أبياته مصوغة صياغة صنعه فيها كثير من التأمل وطلب الغريب في التصوير والتخيل ولا شك أن أبي تمام شاعر التخليف والتدويم ولشعره قوة وشدة فريدتان .

تاريخ فتح عموريه (قصة القصيدة)

فتحها المعتصم في شهر رمضان سنة 223 هـ وسبب ذلك ما ذكره أهل التواريخ أن رجلاً وقف على المعتصم فقال يا أمير المؤمنين كنت بعمورية وجارية أسيرة قد لطمها علج على وجهها فنادت : وامعتصماه ، فقال العلج وما يقدر عليه المعتصم ؟ يجىء على أبلق ينصرك ، وزاد في ضربها . فثارالمعتصم وسأل الرجل : في أية جهة عمورية ؟ فقال له الرجل وأشار إلى وجهتها هكذا، فرد المعتصم ووجهه ليها وقال لبيك أيتها الجارية لبيك ، هذا المعتصم بالله أجابك ، ثم تجهز إليها في اثني عشر ألف فارس أبلق ، وتقول المصادر التاريخية أن فتح عمورية كان صعباً جداً بسبب منعة حصون المدينة وإحكام الحراسة فيها ، ولكن الحقيقة تقول أن المعتصم كان ذو قدرةٍ عسكريةٍ كبيرةٍ بحيث استطاع أن يدخلها بعد أن دك أسوارها بالمجانيق فأسر ثلاثين ألفاً وقتل ثلاثين ألفاً ، وأمر بعمورية فهدمت وأحرقت .

هذا وتسوق بعض المصادر تحذير المنجمين الذين طالعهم عليها المعتصم باستحالة دخوله عمورية ويقال أن المنجمين قد حكموا أن المعتصم لايفتح عمورية وبعثت له الروم برسالةٍ تقول " إنا نجد في كتابنا أنه لاتفتح مدينتنا إلا في وقت إدراك التين والعنب وبيننا وبين ذلك الوقت شهور يمنعك من المقام بها البرد والثلج" فأبى المعتصم أن ينصرف وواكب عليها ففتحها فأبطل ما قالوا .

شرح بعض أبيات القصيدة

إن أبا تمام لا يفاجئ قارئه بكل ما حشد في أبيات عمورية من أفكار ومعان وصور وزينات ولعب بالألفاظ والأسطر فحسب ولكنه يطلع عليه باستهلال غير مألوف إنه لم يقف بالأطلال ولم يَشْكُ الجوى وإنما استهل قصيدته بالسيف وصدق تنبئاته بالنصر ، وكان المنجمون قد تنبئوا بأن المعتصم لن يربح المعركة ، فكان تحدي الخليفة الفارس أقوال المنجمين وافتتح البلدة التي بدت مستعصية وأنزل بالروم من الخسائر والقتلى والهزائم والحرائق ما لم يشهدوا له مثيلاً من قبل ، فكان ذلك دافعاً لأبي تمام أن يستهل قصيدته في مدح المعتصم ووصف المعركة بهذا الاستهلال الجليل .

في وحده الحد بين الجد واللعب

السيف أصدق أنباءً من الكتب

أي أن النصر العظيم الذي ظفر به العرب في عمورية يشهد بأن السيف أصدق من كتب المنجمين فحده القاطع يفصل بين الحقيقة والخرافة .

مونهن جلاء الشك والريب

بيض الصفائح لاسود الصحائف في

السيوف البيضاء اللامعة تزيل الشك والظنون وتقرر الحقيقة والنصر المبين أما المنجمين فكذب وخداع .

بين الخميسين لا في السبعة الشهب

والعلم في شهب ألارماح لامعةًً

العلم بنتائج الحروب يلتمس ويطلب بالأسلحة التي يقاتل فيها المحاربون لا في الشهب السبعة التي أعتمد عليها المنجمون .

لقد جمع أبو تمام العديد من المعاني والنفيس من الأفكار والكثير من التشابيه البديعة في هذه الأبيات الثلاثة القليلة ثم تمضي القصيدة على نفس شاكلة الحديث في صور من التحدي المتسم بالشدة والعنف والتوبيخ موجهاً إياه للذين حاولوا أن يثنوا الخليفة عن معركته فكانوا دعاة هزيمة في وقت استوجب فيه النصر .

صاغوه من زخرف فيها ومن كذب

أين الرواية أم أين النجوم وما

أخذ هنا يسخر من المنجمين فتسائل في تهكم وسخرية أين ما زعمه المنجمون وأين كواكبهم التي اختلقوا عنها الأكاذيب .

عنك المنى حفلاً معسولة الحلب

يا يوم وقعة عمورية انصرفت

أيها اليوم العظيم ما أروعك فقد تحققت آمال العرب الحافلة بالسعادة فيك وتركت في النفوس أثراً حسناً وذلك لأن الجيش الإسلامي رجع منصوراً محققاً أمانيه ( شبه الأماني بضروع الناقة المملوءة باللبن الحلو الطعم ).

( المفاضلة بين السيف والكتاب )

استهل أبو تمام بالمقطع حكمي عام المفاضلة بين الكتاب والسيف رامزاً بالأول إلى المنجمين وبالثاني إلى القتال والحرب ويقع في هذه الخمس أبيات عرض للمعاني التالية :

أ‌. إن السيف ينيء عن الحقيقة، فيما تكثر الكتب أو توهم بها وهو الذي يؤدي إلى الجد واليقين، فيما تخادع الكتب وتبقيك بين الظن والتصديق والجد واللعب .

ب‌. إن الواقع كذب المنجمين الذين نصحوا المعتصم بأن يرجئ زحفه، فقد حاصر المدينة وقضى على أهلها مظهراً أن القوة تخرس وتدحض وتحقق .

والمشركين ودار الشرك في صبب

أبقيت جدّ بني الإسلام في صعد

وكانت النتيجة أن استمر حظ المسلمين في الارتفاع والانتصار بينما أصاب دار الشرك الانحدار والحزن بسبب الهزيمة التي حلّت بهم .

للنار يوماً ذليل الصخر والخشب

لقد تركت أمير المؤمنين بها

يا أمير المؤمنين المعتصم كان يومك في عمورية يوماً شديداً على عدوك، وكانت نارك التي أوقدوها العرب لإحراق البلد شديدة حتى أحرقت وأذلت الصخور بعد أن أحترق الخشب.

يشله وسطها صبح من اللهب

غادرت فيها بهيم الليل وهو ضحى

وكان ضوء النار يبدد ويطرد الظلام في عموريه المحترقة حتى كأن الصبح كان يطلع فيها في ذلك الحين .

عن لونها أو كأن الشمس لم تغب

حتى كأن جلابيب الدجى رغبت

وكأن ثياب الليل كرهت لونها الأسود، أو كأن الشمس مازالت مشرقة تنير سماء المدينة .

عرض المضمون (التغني بالفتح)

يقول إنه فتح لا يضاهى ولا يوصف بشعر أو نثر . فهو يعجز البيان ويثير الفرح حتى في السماء، فتشرع أبوابها له فضلاً عن الأرض التي ترتدي منه أبهى حلل الزهر ولقد أترع الأماني فجعلها معسولة، عذبة، لأنها تحققت فيه وغدت واقعاً، انتصر به المسلمون وانهزم به المشركون

وظلمة من دخان في ضحى شحب

ضوء من النار والظلماء عاكفة

وكأن ضوء النار المتوهج في الليل، الضحى الذي شحب من كثافة ما ثار من دخان الحرائق .

لله مرتقب في الله مرتغب

تدبير المعتصم بالله منتقم

لقد صنع هذا النصر الخليفة المعتصم بالله والمنتقم لله ( غزا أرض الروم لأنهم نكثوا عهد الله بالسلام ) وهو مرتقب في الله ( عمل ما عمل وهو حريص على ألا يخالف أوامر الله في شيء ) وهو مرتغب في الله ( راغب في هذه الحرب في ما يرضي الله وفي ما يقربه إلى الله ).

إلا تقدمه جيش من الرعب

لم يغز قوماً ولم ينهض إلى بلد

إنه يخيف الأعداء، فإذا تحرك لحرب كان الرعب يدخل على الأعداء قبل أن يصلهم المعتصم، فكأنه يطّير إليهم جيشاً من الرعب قبل أن يصل هو .

من نفسه وحدها في جحفل لجب

و لم يقد جحفلاً يوم الوغى لغدا

لو لم يعد الخليفة المعتصم لهذه الحرب جيشاً جراراً وذهب ليقاتل بمفرده لكان هو بمثابة هذا الجيش الجرار .

- أنها أمهم الكبرى، يحرصون عليها ويفتدونها بأنفسهم .

- أنها فتاة مخدرة، حاول أن يقتحم عليها كسرى من قبل وأتباعه اليمن، فتعصت عليهم، وبقيت عذراء، لم يقوَ عليها أي من الفاتحين. فالإسكندر ذاته ارتدّ عنها، وبقيت على الزمن، حصينة، لم تهزم ولم يعترها الوهن.

- إنها زبده الأيام، أي صفوتها، إذ جمع الدهر فيها جوهرة القوة والمنعة .

ولو رمى بك غير الله لم تصب

رمى بك الله برجيها فهدمها

إن الله تعالى سخرك ( أيها الخليفة ) لتهديم عمورية فقدرت على ذلك ( في سبيل الله ) ولو أردت من غزوها عرضاً من أعراض الدنيا لما استطعت ذلك .

والله مفتاح باب المعقل ألا شب

من بعد ما أشبهوها واثقين بها

حصّن العدو مدينته وبالغ في ذلك مما دعاه للوثوق بأنها لا تفتح، ولكنها فتحت لأن الله هو الذي أراد فتحها على يد المعتصم .

جلودهم قبل نضج التين والعنب

تسعون ألفاً كأسد الشّرى نضجت

سقط في هذه المعركة تسعون ألفاً من فرسان الروم الشجعان الذين يشبهون أسود الشرى المعروفة ببأسها. وماتوا حرقاً في عموريه قبل أن ينضج التين والعنب أي قبل حلول الصيف .

جرثومة الدين والإسلام والحسب

خليفة الله جازى الله سعيك عن

فجزاؤك أيها الخليفة على الله لأنك بعملك هذا سعيت لإعلاء الحق وهو الإسلام ولإعلاء أمجاد العرب وحسبهم أيضاً.

تنال إلا على جسر من التعب

بصرت بالراحة الكبرى فلم ترها

وعرفت أن السعادة التامة والراحة القصوى لا تنال إلا بعد عناء وتعب وتضحية .

موصولة أو ذمام غير منقطع

إن كان بين صر وف الدهر من رحم

هذا وإذا اعتقدنا أن الأحداث لها علاقة مع بعضها البعض وتلك العلاقة موصولة ذات عهد غير منقطع .

وبين أيام بدر أقرب النسب

فبين أيامك اللاتي نصرت بها

فالعلاقة واضحة بين فتح عمورية التي انتصرت فيها أيها الخليفة وبين معركة بدر العظمى التي قادها الرسول صلى الله عليه وسلم .

أساليب فنية

1) أسلوب التقرير:

وجاء على شاكلة جمل خبرية ، وقد زخرت بها القصيدة وكان دور هذا الأسلوب تزويدنا بالحقائق التي آمن بها الشاعر ذو هي تكذيب المنجمين ومدح الخليفة ووصف المدينة المحترقة، وأخبارنا بعدد القتلى والربط بين يوم بدر وقد سيطر هذا الأسلوب على جميع اأبياتنا.

2) أسلوب المقارنة:

المقارنة بين السيف والكتب في البيت الأول لصالح السيف لأنه يخدم غرض الشاعر وهو تمجيد القوة.

المقارنة بين شهب الأرماح وبين السبعة الشهب لصالح الأرماح أيضاً لنفس الغرض.

المقارنة بين المسلمين والمشركين على أثر المعركة، فالمسلمون في صعود والمشركين في هبوط .

المقارنة بين يوم عمورية ويوم بدر وقد ساوى الشاعر بين اليومين والغرض من ذلك تعظيم معركة عمورية وتعظيم الخليفة والعرب في تلك الفترة.

3) أسلوب النداء:

يا يوم وقعة عمورية وكان غرضه التغني بحلاوة الانتصار في هذا اليوم العظيم .

لقد تركت أمير المؤمنين بها وغرضه مدح الخليفة وتعظيمه.

خليفة الله جازى الله سعيك وكان غرضه تمجيد عمل الخليفة والاعتراف بفضله .

4) أسلوب السخرية:

وكان غرضه تصغيلر شأن المنجمين وما طلعوا به من ترهات وجاء في البيت الرابع بصيغة الاستفهام :

أين الرواية, بل أين النجوم وما صاغمه من زخرف ومن كذب وتقع على السخرية أيضاً في البيت السادس عشر نضجت جلودهم قبل نضوج التين والعنب .

5) التكرار:

وجاء للتأكيد والمبالغة مثل في الحد وتكرار لا في البيت الثاني والثالث وتكرار أداة الاستفهام أين، وتكرار الفعل رمى.

6) القصر:

وغايته في القصيدة للتأكيد والإصرار على الفكرة مثل لم تغز قوماً إلا تقدمه جيش وبصرت بالراحة الكبرى فلم تراها تنال إلا .

7) التجانس:

ويضيف تدفقاً موسيقياً في القصيدة مثل في حده الحد ،بيض الصفائح لا سود الصحائف.

8) طباق:

وكان ضرورياُ بالمقابلة والمعارضة والمناقصة, وجاء كثيراً مثل :الجد واللعب، بيض الصفائح، في صعد في صبب (انحدار) بهيم الليل والضحى ،جلابيب الدجى والشمس .

9) التشبيهات والاستعارات والكنايات:

غادرت بهيم الليل وهو ضحى تشبيه بليغ غرضه المبالغة في وصف اشتعال النار .

يشله صبح من اللهب استعارة فقد شبه الصبح من اللهب بجيش يلاحق جيشاً منهزماً ويمزقه .

جلابيب الدجى رغبت عن لونها، استعارة شبه جلابيب الدجى بكائن حي يرغب ويرفض .

كأن جلابيب الدجى رغبت عن لونها تشبيه غرضه تفسير إضاءة النار المشتعلة كان الشمس لم تغب، تشبيه غرضه تفسير إضاءة النار .

تقدمه جيش من الرعب استعارة شبه الرعب بالجيش القوي والغرض هنا مدح المعتصم وابراز هيبة في نفوس أعدائه .

يوم ذليل الصخر والخشب استعارة شبه الصخر والخشب بالإنسان الذليل. تسعون ألفاً كأجساد الشرى تشبيه غرضه العدو من أجل تعظيم الجيش العربي جسر من التعب بمادة يقام منها جسر ويمشى فوقه، وغرضها تجميل صورة التعب كوسيلة للحصول على الراحة .

النظرة التحليلية والرأي الشخصي

في هذه القصيدة قارن الشاعر بين السيف والكتاب وفضل السيف على الكتاب، حسب رأي الشاعر فإن السيف هو القوة النافذة التي لها تأثير أكبر من الكتاب (الكتاب يمثل الفكر والكلام). فالكلام والفكر لا يتعدى تأثيرهما التأثير المعنوي، ولا نستطيع استرجاع حق مسلوب إلا باستخدام القوة والبطش، وما يؤخذ بالسيف لا يرد إلا بالسيف. السيف له تأثير مادي ملحوظ وملموس على أرض الواقع أما الفكر فلا أثر ولا فائدة ترجى منه دون قوة تأتي به إلى حيز الواقع، وأبسط مثال على ذلك أنه لو كان خصمك شريراً وقوياً وأنت خيراً ومستضعفاً فلن تقدر على رد عدوانه عليك والغلبة ستكون من نصيبه لا محالة، ولكن حسب اعتقادي لو أن كلام الشاعر صحيح لبقيت الإمبراطوريات التي شيدت بقوة الذراع ولم تنهار وما دامت الحركات التبشيرية والدعوة إلى الأديان السماوية التي تعتمد على تنوير العقل والروح ولكننا نرى أن الأخيرة هي التي تدوم مع أن أتباعها كانوا من المستضعفين ولكن بقوة إيمانهم لم يهزموا ، فالحرية ليست حرية الجسد بل حرية الروح التي لن تطال بالسيف.

ويصف الشاعر السيف على أنه الفاصل بين الجد والهزل. السيف هو الجد والكلام لا يتعدى إلا أن يكون من ضروب اللعب والهزل، السيف حد قاطع فيه اليقين بعكس الكلام الذي فيه كل الشك والريبة، ففي الكلام والفكر تعدد واختلاف ولا يوجد فيه استقرار على الرأي مما يبعث في نفس الشاعر اعتقاداً أن الكلام يؤدي إلى الريبة والشك فنرى انقساماً وتفرقاً في المجتمع كل حسب مبدأ يسير وفقه، أما السيف الذي يرمز إلى القوة والسلطة فهو لا يتأثر بالجدل ولا يحيد عن طريق الخير إلى طريق الشر ويفصل بين الحق والباطل.

ولا أظن الشاعر صادقاً في تعميمه لهذه الحالة فصدق رأيه مقتصر على وجود القوة في يد الحق وبذلك فإن السيف سيكون نصرةً للحق والعدالة، أما إذا كان السيف قوة بيد الشر فإن الآية ستنقلب وفي هذه الحالة لن يخدم السيف الحق كما أدعى الشاعر.

كما أن القوة لن تفيد دون أن تكون نابعة عن إيمان بمعتقد والسير وراء فكرة أو مبدأ فالسيف يعمل لتحقيق رأي أو إيمان بفكره .

في هذه القصيدة يثور أبو تمام على التقاليد والعادات التي أخذ بها في ذلك العهد وبالأخص على الاستعانة بالمنجمين ويظهر غضبه عليهم ، فهم حسب رأيه ليسوا إلا فرقاً من المزيفين والدجالين، فالتنجيم ليس بالعلم الذي يرتكز على الحقيقة بل هو غش وخداع للناس . المنجمون يوهمون الناس أنهم مطلعون على الغيب وقادرون على التنبؤ بمجريات أحداثه القادمة، لكن أقوالهم لاتنطوي على شيء من الصواب والله وحده القادر على معرفة الغيب محيط بمجريات الأمور، وسوى ذلك كله تخريفات وأكاذيب.

ينتقل الشاعر بعد تسفيه المنجمين إلى التغني بالفتح ونراه يغالي في وصف الفتح فيجعل هذا الفتح مميزاً وفريداً من نوعه لم ولن يكون مثله، ويشيد به حتى أنه يصفه بأنه فتح الفتوح ، لا يوجد فتح يباريه أو يجاريه. ويلهب لسانه بعرض وتمثيل الوقعة التي يقصر الشعر والنثر مجتمعين إيفائها حقها بالوصف, فقد حققت النفس أمانيها حتى وصلت إلى أقصى حدود الرضى والشكر . وعقب هذا الفتح ارتفعت راية الإسلام إلى ذروتها بينما تداعت راية المشركين منهارة, وعم خير هذا الفتح السماء والأرض والناس والله وعمت السعادة والنشوه كل المخلوقات.

صور الشاعر موقع المعركة, فهذا الثغر والحصن الذي كان بالأمس شامخاً متألقاً تداعت عظمته, عم الخراب المدينة بعد أن كانت من أعظم مدن وحصون العالم قاطبة فالساحات أصبحت موحشة, مهدمة يعمها البؤس وتتكدس فيها جثث جنود الروم الخضبه بالدماء, أولئك الجنود لم يقتلوا ظلما وعدواناً بل قتلوا على جورهم واعتدائهم, فقد اعتدوا على حرمة الإسلام وحاولوا تدنيسها لكن الله جزاهم على فعلتهم.

وصف الشاعر القتال بالنار دون أن يتطرق إلى التفاصيل والأمور الدقيقة, فهذه النار التهمت كل شيء اعترض طريقها حتى الذي يتعسر احتراقه ويتمادى في مقارنته بين الليل والنهار ، النار والدخان فمبالغته في وصف النار تصل إلى حد تحدق فيه النار بكل شيء وتبدد الليل الحالك وتجعله نهاراً ساطعاً وهذه مبالغة واضحة فحصول هذا ضرب من المستحيل فيه خروج عن نواميس الطبيعة ومألوفها .

وأخيراً تطرق الشاعر إلى مدح المعتصم بشكل مباشر بالرغم من أنه من بداية القصيدة وهو ماضٍ في مدح المعتصم بطرق غير مباشرة ولكن في الأبيات الأخيرة لجأ إلى إعطاء الفضل في الانتصار والفتح إلى المعتصم بشكل قاطع , موجهاً إليه الصفة الدينية كونه خليفة رسول الله على الأرض ويد الله التي يضرب بها أعدائه ولو أن قائداً غيره قاد هذا الفتح لما حقق النجاح نفسه الذي أحرزه المعتصم كما إن تكراره للفظ الله في أبيات القصيدة شدد على هذا المعنى وقد كانت البطولة الحربية أشمل وأعم فهو يعزو نصر المسلمين إلى قوة وشخص المعتصم وحده بينما لا يتعدى الجيش كونه تحقيقا للحماس والبطولة المتفجرين من داخل هذا القائد المغوار الذي ما إن يسمع الناس باسمه حتى يفروا من ساحة القتال عند علمهم بعزمه على مجابهتهم خوفاً ومهابةً منهم لسماعهم بطولاته وانتصاراته من ذي قبل . كما يقول بأن الله آثر المعتصم لأنه معتصم بحبل الله ويبغى مرضاته وهو بعيد كل البعد عن اللهو فالمعتصم يترك النوم واللذة هرعاً إلى الجهاد في سبيل الله لذا فإن الله يقويه ويضرب به أعداءه. ولا ننسى أن أبا تماما لجأ إلى تعظيم وذكر مواصفات حصن عموريه.

لقد استعمل الشاعر في قصيدته أسلوب المبالغة والغلو كثيراً وذلك في سبيل التعبير عن عظمة هذا الفتح ولم يقصر في غلوه على وصف القتال بل زاد على ذلك في وصف القائد المعتصم وفي وصف تغيرات الطبيعة عقب هذه المعركة. كما أنه لم يصف سير المعركة بشكل مفصل بل لجأ إلى تعميم الأمر وعدم الدخول إلأى تفاصيله,ف حول القضية من قضية خاصة إلى قضيه عامه شاملة (الفتح حسب رأي الكاتب عاد بالخير على كل المخلوقات لأن فيه نصر لدين الله على يد المعتصم ). كما اعتمد على التكرار والتفسير والتأويل كوسيلة للتشديد على أهمية ما يتحدث عنه, كما أن أبي تمام بالغ في وصف قوة ومتانة حصن عمورية وزاد في شرحه على أهميته ليعود ويشير إلى قوة الخليفة المعتصم الذي استطاع فتح هذه البلد بسهولة على الرغم من مناعتها. كما لا يجدر إهمال أبي تمام بإثراء قصيدته بالألوان البلاغية كالوصف, التناقض , الجناس , الطباق والتشبيه .

Commenter cet article
M
شكرا جزيلا
Répondre