Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
،،،{"المَعْرِفَة"}،،،

(^__^) البخل والبخلاء @ قراءة في كتاب نوادر البخلاء (^__^)

Publié le 18 Janvier 2014 par Eze Mohamed

(^__^) البخل والبخلاء @ قراءة في كتاب نوادر البخلاء (^__^)

كثر الحديث في كتب الأدب عن البخل والبخلاء، وسلك المؤلفون إلى ذم البخل والتحذير منه مسالك ومشارب مختلفة من تصريح أو تلميح ومن إيراد للآيات والأحاديث والآثار في التحذير من البخل إلى إيراد قصص وحكايات وأشعار تنفِّر منه، وتدعو إلى الكرم والبذل والعطاء.


وكتب الجاحظ كتابه العظيم "البخلاء" فأورد من قصصهم وحكاياتهم ومحاوراتهم وحججهم الشيء الكثير، ونجح الجاحظ في التأثير على نفسية القارئ فإذا هو يكره البخل والبخلاء لكنه يتفكّه بأحاديثهم، ويتسلّى بمحاوراتهم وأعاجيبهم.


ثم جاء بعد الجاحظ مؤلفون أفردوا للبخل كتبا مستقلة كما فعل الخطيب البغدادي في كتابه "البخلاء"، وجمال الدين بن المبرد الدمشقي في كتابه "إتحاف النبلاء بأخبار وأشعار الكـرماء والبخلاء"، وأفرد له آخرون فصولا وأبوابا في كتبهم الموسوعية الشاملة، مثلما صنع ابن قتيبة في كتاب "عيون الأخبار"، وابن عبد ربه في كتاب "العقد الفريد"، والآبي في كتاب "نثر الدر"، والنويري في كتاب "نهاية الأرب" … وغيرهم كثير.


ولقد "كانت أحاديث البخل والبخلاء "منتشرة ومعروفة في البيئة العربية قبل أن يشرع الجاحظ في كتابه "البخلاء"، ولقد روّج هذه الأحاديث وأتاح لها أن تُنشر عاملان مهمان:


أولهما الشعوبيون الذين كانوا يُحقِّرون شأن العرب، ويرون أن فخرهم بصفة الكرم ليست إلا نفجاً ووهماً لا حقيقة له.


وثانيهما: الخصومة السياسية بين الأمويين والعباسيين، فقد كان كل فريق منهم يعمل على إشاعة النقائص والمثالب للفريق الآخر، ولو عن طريق الاختلاق والادّعاء، وكان البخل من هذه النقائص التي يذم بها كل فريق الآخر"(2).


وقد أصدر الدكتور محمد بن عبد الرحمن الربيع، وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية للدراسات العليا والبحث العلمي وعضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة كتابه الأخير «نوادر البخلاء»، يضم نصوصاً في البخل، مع دراسة نصية لها.


وقد اختار الدكتور محمد بن عبد الرحمن الربيع في القسم الأول من كتابه أكثر من ثلاثين نادرة من نوادر البخلاء التي أوردتها كتب الأدب، وضَبَطها، وشرح غريبَها، وأحالها إلى مصادرها الأصيلة.


وفي القسم الثاني تناولها بالدرس والتحليل، وأشار إلى دلالاتها المضمونية والفنية، بعد أن تتبّع حركة التأليف حول البخل والبخلاء منذ الأصمعي، وحتى الفقيه الحنبلي جمال الدين يوسف، ومروراً بالجاحظ، وابن قتيبة، وأبي حيّان التوحيدي، وابن عبد ربه، والأبشيهي … وغيرهم.


وقد قال عن الأسس التي تخير على أساسها النصوص التي أوردها في القسم الأول من كتابه:


«وجدتُ كما هائلاً من النصوص التراثية عن البخل والبخلاء، ولو أردتُ التوسع في جمع النصوص لكان لي ذلك … وركزنا في الاختيار على القصص والحكايات، وتركنا الحديث المباشر أو النكت القصيرة أو أساليب المؤلفين التقريرية في ذم البخل …

وحاولنا التنويع في مصادر الاختيار حتى نعطي للقارئ الكريم نماذج مختلفة من أساليب المؤلفين، وإن كان للجاحظ نصيب الأسد من تلك المختارات؛ وهذا أمر طبيعي، فمن يقرأ كتابات الجاحظ وكتابات غيره عن البخلاء لا بد أن ينحاز إلى كتابات الجاحظ لما فيها من إبداع، وتصوير فني رائع، ولأن من كتب بعده في هذا الموضوع إنما هم عيال عليه»(3).


ومن «المعروف أن الجاحظ أديب محدث من طراز رفيع، برع في تقليب وجوه الأخبار وتنويعها أنواعا تتلون بألوان الجدة تارة، وتشرق بألوان النكتة والهزل والدعابة تارة أخرى. وهي في كل حال تتراوح بين مختلف الأغراض وشتى الموضوعات. وهذه السمة التي تطبع أدب الجاحظ بطابع إبداعي فذ هي السمة الغالبة على طبيعة ذلك الأدب.

وهي التي تحدد كونه أدبا فنيا قبل أن يكون أدبا فكريا»(4).


***
والنماذج التي تُغرينا بالتوقف أمامها كثيرة، لكن يكفينا هنا أن نتوقف أما أحد النماذج، التي أوردها المؤلف بكتابه تحت عنوان "طعامٌ بكلامٍ"، وهذا نصُّها:


«وبينما الشيخ الخراسانيُّ يأكل في بعض المواضعِ إذ مرَّ بهِ رجل فسلَّم فردَّ عليه السلام، فقال: هلمَّ عافاك الله فلمّا نظر إلى الرجلِ قد انثنى راجعاُ يريدُ أن يطفرَ(5) الجدولَ أو يُعدِّي النهرَ.
قال له: مكانَكَ فإنَّ العجلةَ من عملِ الشيطان.


فوقف الرجلُ، فأقبل عليه الخرَسانيُّ وقال : تريدُ ماذا؟
قال: أريدُ أن أتغدّى.


قال: ولِمَ ذاك؟ وكيف طمعْتَ في هذا؟ ومنْ أباحَ لكَ مالي؟
قال الرجل: أو ليسَ قدْ دعوتَني؟!


قال: ويلكَ! لو ظننْتُ أنك أحمقُ هكذا ما رددْتُ عليكَ السلام.

الآيينُ(6) فيما نحن فيه أن تكون إذا كنتُ أنا الجالسَ وأنتَ المارَّ أنْ تبدأ أنتَ فتُسلِّم، فأقول أنا حينئذٍ مُجيباً لكَ: وعليكم السلامُ.


فإن كنتَ لا آكلُ شيئا سكتُّ أنا وسكتَّ أنتَ، ومضيتَ أنتَ وقعدتُ أنا على حالي.

وإن كنتُ آكلُ فها هنا آيينٌ آخَرُ هو أن أبدأُ أنا فأقول: هلُمَّ، وتُجيبُ أنتَ فتقول: هنيئاً، فيكونُ كلامُ بكلامٍ، فأما كلامُ بفِعالٍ وقولٌ بأكلٍ فهذا ليسَ من الإنصافِ، وهذا يُخرجُ علينا فضلا كبيراً.


قال: فَوَرَدَ على الرجلِ شيْءٌ لم يكن في حسابه.


فشُهِرَ بذلك في تلك الناحية، وقيل لهُ: قد أُعفينا من السلامِ ومن تكلُّفِ الرد.

قال: ما بي إلى ذلك حاجةٌ إنما هو أن أُعفي أنا نفسي من هلُمَّ وقد استقام الأمرُ». (البخلاء للجاحظ، ص 20)
ويقول المؤلف في التعليق على هذا النص مع بعض نصوص أخرى تتفق معه في هدفه، تحت عنوان «هل للبخل وطن؟»: «هل للبخل وطن؟! هل يُمكن أن نحكم على عامة أهل بلد بالبخل أو بالكرم؟
المنطق يرفض ذلك، ففي كل بلد كرماء وبخلاء.

لكن بعض البلاد اشتهر أهلوها بالبخل، أو شهرهم الأدباء بذلك، وجنوا عليهم. ومن تلك البلدان إقليم خراسان بصفة عامة، ومدينة مرو بصفة خاصة؛ فقد وجّه إليهم الجاحظ سهام نقده ولاذع أسلوبه»(7).

وهذا النص الذي سقناه يكشف عن أن «الخُراسيين قد قنّنوا البخل، ووضعوا له الأنظمة واللوائح والأحكام»(8).


والنصوص التي أوردها المؤلف في حاجة إلى دراسة هذه النصوص دراسة جمالية ونفسية واجتماعية تكشف عن منابع الإبداع وخصائصه في هذا المجال الخصب.

(^__^) البخل والبخلاء @ قراءة في كتاب نوادر البخلاء (^__^)

كثر الحديث في كتب الأدب عن البخل والبخلاء، وسلك المؤلفون إلى ذم البخل والتحذير منه مسالك ومشارب مختلفة من تصريح أو تلميح ومن إيراد للآيات والأحاديث والآثار في التحذير من البخل إلى إيراد قصص وحكايات وأشعار تنفِّر منه، وتدعو إلى الكرم والبذل والعطاء.


وكتب الجاحظ كتابه العظيم "البخلاء" فأورد من قصصهم وحكاياتهم ومحاوراتهم وحججهم الشيء الكثير، ونجح الجاحظ في التأثير على نفسية القارئ فإذا هو يكره البخل والبخلاء لكنه يتفكّه بأحاديثهم، ويتسلّى بمحاوراتهم وأعاجيبهم.


ثم جاء بعد الجاحظ مؤلفون أفردوا للبخل كتبا مستقلة كما فعل الخطيب البغدادي في كتابه "البخلاء"، وجمال الدين بن المبرد الدمشقي في كتابه "إتحاف النبلاء بأخبار وأشعار الكـرماء والبخلاء"، وأفرد له آخرون فصولا وأبوابا في كتبهم الموسوعية الشاملة، مثلما صنع ابن قتيبة في كتاب "عيون الأخبار"، وابن عبد ربه في كتاب "العقد الفريد"، والآبي في كتاب "نثر الدر"، والنويري في كتاب "نهاية الأرب" … وغيرهم كثير.


ولقد "كانت أحاديث البخل والبخلاء "منتشرة ومعروفة في البيئة العربية قبل أن يشرع الجاحظ في كتابه "البخلاء"، ولقد روّج هذه الأحاديث وأتاح لها أن تُنشر عاملان مهمان:


أولهما الشعوبيون الذين كانوا يُحقِّرون شأن العرب، ويرون أن فخرهم بصفة الكرم ليست إلا نفجاً ووهماً لا حقيقة له.


وثانيهما: الخصومة السياسية بين الأمويين والعباسيين، فقد كان كل فريق منهم يعمل على إشاعة النقائص والمثالب للفريق الآخر، ولو عن طريق الاختلاق والادّعاء، وكان البخل من هذه النقائص التي يذم بها كل فريق الآخر"(2).


وقد أصدر الدكتور محمد بن عبد الرحمن الربيع، وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية للدراسات العليا والبحث العلمي وعضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة كتابه الأخير «نوادر البخلاء»، يضم نصوصاً في البخل، مع دراسة نصية لها.


وقد اختار الدكتور محمد بن عبد الرحمن الربيع في القسم الأول من كتابه أكثر من ثلاثين نادرة من نوادر البخلاء التي أوردتها كتب الأدب، وضَبَطها، وشرح غريبَها، وأحالها إلى مصادرها الأصيلة.


وفي القسم الثاني تناولها بالدرس والتحليل، وأشار إلى دلالاتها المضمونية والفنية، بعد أن تتبّع حركة التأليف حول البخل والبخلاء منذ الأصمعي، وحتى الفقيه الحنبلي جمال الدين يوسف، ومروراً بالجاحظ، وابن قتيبة، وأبي حيّان التوحيدي، وابن عبد ربه، والأبشيهي … وغيرهم.


وقد قال عن الأسس التي تخير على أساسها النصوص التي أوردها في القسم الأول من كتابه:


«وجدتُ كما هائلاً من النصوص التراثية عن البخل والبخلاء، ولو أردتُ التوسع في جمع النصوص لكان لي ذلك … وركزنا في الاختيار على القصص والحكايات، وتركنا الحديث المباشر أو النكت القصيرة أو أساليب المؤلفين التقريرية في ذم البخل …

وحاولنا التنويع في مصادر الاختيار حتى نعطي للقارئ الكريم نماذج مختلفة من أساليب المؤلفين، وإن كان للجاحظ نصيب الأسد من تلك المختارات؛ وهذا أمر طبيعي، فمن يقرأ كتابات الجاحظ وكتابات غيره عن البخلاء لا بد أن ينحاز إلى كتابات الجاحظ لما فيها من إبداع، وتصوير فني رائع، ولأن من كتب بعده في هذا الموضوع إنما هم عيال عليه»(3).


ومن «المعروف أن الجاحظ أديب محدث من طراز رفيع، برع في تقليب وجوه الأخبار وتنويعها أنواعا تتلون بألوان الجدة تارة، وتشرق بألوان النكتة والهزل والدعابة تارة أخرى. وهي في كل حال تتراوح بين مختلف الأغراض وشتى الموضوعات. وهذه السمة التي تطبع أدب الجاحظ بطابع إبداعي فذ هي السمة الغالبة على طبيعة ذلك الأدب.

وهي التي تحدد كونه أدبا فنيا قبل أن يكون أدبا فكريا»(4).


***
والنماذج التي تُغرينا بالتوقف أمامها كثيرة، لكن يكفينا هنا أن نتوقف أما أحد النماذج، التي أوردها المؤلف بكتابه تحت عنوان "طعامٌ بكلامٍ"، وهذا نصُّها:


«وبينما الشيخ الخراسانيُّ يأكل في بعض المواضعِ إذ مرَّ بهِ رجل فسلَّم فردَّ عليه السلام، فقال: هلمَّ عافاك الله فلمّا نظر إلى الرجلِ قد انثنى راجعاُ يريدُ أن يطفرَ(5) الجدولَ أو يُعدِّي النهرَ.
قال له: مكانَكَ فإنَّ العجلةَ من عملِ الشيطان.


فوقف الرجلُ، فأقبل عليه الخرَسانيُّ وقال : تريدُ ماذا؟
قال: أريدُ أن أتغدّى.


قال: ولِمَ ذاك؟ وكيف طمعْتَ في هذا؟ ومنْ أباحَ لكَ مالي؟
قال الرجل: أو ليسَ قدْ دعوتَني؟!


قال: ويلكَ! لو ظننْتُ أنك أحمقُ هكذا ما رددْتُ عليكَ السلام.

الآيينُ(6) فيما نحن فيه أن تكون إذا كنتُ أنا الجالسَ وأنتَ المارَّ أنْ تبدأ أنتَ فتُسلِّم، فأقول أنا حينئذٍ مُجيباً لكَ: وعليكم السلامُ.


فإن كنتَ لا آكلُ شيئا سكتُّ أنا وسكتَّ أنتَ، ومضيتَ أنتَ وقعدتُ أنا على حالي.

وإن كنتُ آكلُ فها هنا آيينٌ آخَرُ هو أن أبدأُ أنا فأقول: هلُمَّ، وتُجيبُ أنتَ فتقول: هنيئاً، فيكونُ كلامُ بكلامٍ، فأما كلامُ بفِعالٍ وقولٌ بأكلٍ فهذا ليسَ من الإنصافِ، وهذا يُخرجُ علينا فضلا كبيراً.


قال: فَوَرَدَ على الرجلِ شيْءٌ لم يكن في حسابه.


فشُهِرَ بذلك في تلك الناحية، وقيل لهُ: قد أُعفينا من السلامِ ومن تكلُّفِ الرد.

قال: ما بي إلى ذلك حاجةٌ إنما هو أن أُعفي أنا نفسي من هلُمَّ وقد استقام الأمرُ». (البخلاء للجاحظ، ص 20)
ويقول المؤلف في التعليق على هذا النص مع بعض نصوص أخرى تتفق معه في هدفه، تحت عنوان «هل للبخل وطن؟»: «هل للبخل وطن؟! هل يُمكن أن نحكم على عامة أهل بلد بالبخل أو بالكرم؟
المنطق يرفض ذلك، ففي كل بلد كرماء وبخلاء.

لكن بعض البلاد اشتهر أهلوها بالبخل، أو شهرهم الأدباء بذلك، وجنوا عليهم. ومن تلك البلدان إقليم خراسان بصفة عامة، ومدينة مرو بصفة خاصة؛ فقد وجّه إليهم الجاحظ سهام نقده ولاذع أسلوبه»(7).

وهذا النص الذي سقناه يكشف عن أن «الخُراسيين قد قنّنوا البخل، ووضعوا له الأنظمة واللوائح والأحكام»(8).


والنصوص التي أوردها المؤلف في حاجة إلى دراسة هذه النصوص دراسة جمالية ونفسية واجتماعية تكشف عن منابع الإبداع وخصائصه في هذا المجال الخصب.

Commenter cet article