Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
،،،{"المَعْرِفَة"}،،،

المحور الأول: شعر الحماسة في القرنين الثالث و الرابع للهجرة.

Publié le 20 Novembre 2013 par Ezeddini Med

  • الأهداف:
  • -تبين الخصائص الفنية: الصورة، المعجم، الأساليب، الإيقاع.
  • -استجلاء معاني الحماسة: (البطولة، التغني بالقوة والفتوة والثقة بالنفس)
  • استخلاص المثل والقيم التي يدعو إليها شعراء الحماسة.

المحور الأول: شعر الحماسة في القرنين الثالث و الرابع للهجرة.

لكل مفردة من هذا العنوان مدلولات يحسن أن نقف عليها قبل الدخول في المحور على سبيل المقدمات:

1- الشعر :

_ اللفظة الأولى هي " شعر" و الشعر عدا كونه مقابلا للنثر عمد العرب من خلال مصنفاتهم القديمة إلى تعريفه تعريفا ضافيا و لعل أهم ما اتفق عليه أن" الشعر كلام موزون مقفى" و الملاحظ أن هذا التعريف و غيره من التعريفات المشهورة تقتصر على الشكل دون المضمون أي على الوزن و الذوق و الموسيقى أو ما يكون به الشعر شعرا ، و قد كان لغاية واضحة هي بيان ميزة الشعر عن غيره.

لننظر إلى الشعر من جهة المضمون - و هو الذي يهمّنا في هذا المجال - فإلى جانب هذا التعريف المذكور آنفا لابد لدارس الشعر أنه يفصّل إلى أغراض، و للعرب أقوال في هذا الباب و تفسيرات للغرض و المقصود به و أبوابه و عيوبه و أشهر أبياته و أشعرها .

لكن أهم ما يجب أن يرسخ بأذهاننا أن الشعر أغراض و أن مركز هذه الأغراض هو المدح أي إسناد صفات و خصال إلى الممدوح الذي عادة ما يكون من أصحاب الشأن كالخلفاء و الوزراء و القضاة و غيرهم .و هذه الخصال و الخلال مجموعة من الإيجابيات المتفق عليها منذ الجاهلية و المتصلة بالعقل و الشجاعة و الأخلاق و الأصل و تجمع في ما يسمى " صورة الفتى الجاهلي"

في مقابل ذلك نجد غرض الفخر و الذي لا يختلف في شيء عن المدح إلا في اتجاه إسناد هذه الصفات و الخلال فعوض إسنادها إلى الآخر الممدوح يصبح القطب و المركز هو الذات فتسند لها هذه الخصال ،

أما الرثاء فإن من ميزاته إسناد هذه المنظومة القيمية إلى الميت و خاصة في قسم التأبين . و ميزة الهجاء و طرافته أنه يعمل على سلب المهجو من هذه الصفات و الخصال .

أما الغزل و هو غرض حديث ( كان جزءا من القصيدة التقليدية ثم استقل ) فمن ميزاته التغني بخصال المحبوبة .والسؤال المطروح هنا أين موقع الحماسة من هذه الأغراض؟ هل هو غرض مستحدث أم هو معنى من المعاني الثانوية التي تخرق هذه الأغراض؟

2- الحماسة:

" الحماسة " مصطلح جوهري و جب على التلميذ كما الأستاذ الاشتغال عليه بالتعريف و التوصيف لأن كل انزياح في الفهم ينتج عنه انزياح عن الأهداف الرسمية .

و للحماسة تعريفات عديدة أهمها ما أورده ابن منظور في لسانه فنجد عنده ما يلي : حمس الشرّ:اشتدّ . و الحماسة المنع و المحاربة . و التحمّس : التشدّد . و الحمس التنّور و يعني الوطيس .ونجدة حمساء أي شديدة يريد بها الشجاعة .

و رجل حمس و حميس و أحمس أي شجاع .و حمس الأمر حمسا اشتدّ .و تحامس القوم تحامسا و حماسا : تشادّوا و اقتتلوا و الأحمس و الحمس و المتحمّس هو الشديد . و الأحمس أيضا المكان الصلب . و الحمس قريش لأنّهم كانوا يتشدّدون في دينهم و شجاعتهم و الأحمس أيضا الشديد الصلب في القتال.(لسان العرب ، المجلد 6 صص 57-58)

و أما أبو علي المرزوقي فيعرّف الحماسة تعريفا لا يختلف عن التعريف السابق و قد قرن التعريف بالشجاعة و الشدّة في كتابه شرح ديوان الحماسة( م 1 ص 21)

من خلال التعريفين السابقين نقف على معنى دقيق واضح للفظة الحماسة و يمكن تلخيصه في الشجاعة و الشدة و التشدّد و الصلابة و القتال بما يجعلنا نتكلّم بطريقة مباشرة عن علاقة جذرية بين الحماسة و الحرب.

و اقتران الحرب بالحماسة يدفعنا إلى استحضار قرينتين ماديتين الأولى جسدية ترتبط بصورة المحارب و آلته الحربيّة و الثانية مكانية ترتبط بساحة الوغى. و أما المحرك الفعلي للحماسة و الباعث لتوقدها و شرارتها فهو تلك القوة النفسيّة الكامنة في الشجاعة و الشدّة. هذا دون أن ننسى أننا أمام شاعر سيسعى إلى إيهامنا بالواقعة و يبث فينا حماسته و حماسة المعركة.

3- القرنان الثاني والثالث للهجرة:

لا يذهب في ظن البعض أن غايتنا تأريخية بحتة و لكن ما يهمّنا هي الظروف السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية التي أثرت في شعر الحماسة الذي نبغي مقاربته في هذا المحور . فقد أكد المحور على حد زماني معين يتمثل في القرنين الثاني و الثالث للهجرة ، و الناظر إلى هذه الفترة من الزمن يلحظ:

- الحياة الثقافية: عرفت فيها هذه الفترة أرقى مظاهر تطورها و نضجها فتطورت العلوم و اتسعت دائرة الترجمة ووجدت المكتبات و كثرت المجالس الأدبية مما أثرى الإنتاج العقلي و الأدبي و جعل من هذه الفترة فترة ذهبية .

- سياسيا: كان الأمر دون ذلك إذ هو عصر استشرت فيه الفتن و القلاقل و ظهرت إلى جانب التهديدات الخارجية من الروم و البيزنطيين فيما كان يعرف بحركة الاسترجاع و خاصة في أطراف الخلافة العربية ، ظهرت بوادر الانقسامات الداخلية فبدأت ظاهرة الدويلات و الإمارات تظهر و تكثر يوما بعد يوم و الأدهى من ذلك أن كل أمير جديد في إمارة جديدة انشغل عن حال دويلته و رعيته بالحرب مع جيرانه من الإمارات المستحدثة الأخرى . و كان من الطبيعي أن تكثر الحروب

و المواجهات و نتيجة لذلك تكثر القصائد التي تتحدث عن المواقع و البطولات .

إذن نحن أمام عصر على سلبياته جد مناسب للحماسة و شعر الحماسة.

الخصائص الفنية : هي جملة المكونات المتعلقة بكيفية القول، إذ لا يتحقق القول الشعري إلا من خلال عناصر أساسية تميزه عن النثر ، فتقوم شعرية النص على سياسة تصريف اللغة لفظا وتركيبا:

-الصورة الشعرية:هي العنصر الأهم في القول الشعري، إذ تنقله عن دائرة الكلام العادي إلى الكلام الموحي بالعبارة والإحالة والتلميح، وهي تفرض على المتلقي جهدا تخييليا لفهم المعنى ، إذ تعيد تشكيل الأشياء في الوجود على نحو مغاير للمألوف، فالصورة إعادة تسمية للأشياء على غير مسمياتها، ومباعدة بين عالم الواقع والخيال وقوامها المشابهة والمجاز والاستعارات والكنايات فتوهم بالواقع خيالا وبالخيال واقعا.

-المعجم: يقصد به جملة الألفاظ المفردة التي يختارها الشاعر، لتنتظم في علاقة ببعضها البعض سبيلا تنتج به المعنى، فتتخذ الألفاظ شعريتها من خلال حسن اختيارها وتوزيعها على نحو يفضي إلى تأدية الدلالة، فيرتبط المعجم عادة بالغرض الشعري ومعاني الأبيات من حيث الكثافة والحضور والنوع.

- الأساليب: تمثل أساليب البلاغة الأداة التي يستند إليها الشاعر لتخليص القول من آثار الكلام العادي الذي يكون نازعا إلى الحقيقة والتوثيق دون الجمالية والإبداع، ومن الأساليب البلاغية ما يتعلق بعلم المعاني ( الإنشاء والخبر، الحقيقة والمجاز) وعلم البيان(التشبيه والكناية..) وعلم البديع (الاستعارة، الجناس الطباق ، المقابلة..) .

-الإيقاع: هو المكوّن الأساسي الذي يفارق به الشعر النثر، وهو مشارك في صياغة الصورة الشعرية صياغة صوتية تساهم في تخيل الأشياء تخيلا بصريا، فيكون السمع والرؤية متلازمين داخل التجربة الشعرية. ويتجلى الإيقاع من خلال الوزن العروضي وفنون البديع المختلفة كالجناس والتكرار والترصيع والموازنة..

معاني الحماسة: تدور معاني الحماسة عادة على التغني بقيم البطولة الحربية، والقوة العسكرية ، والثقة بالنفس والفتوة، وهي متنوعة الحضور بتنوع الممدوح وإن كانت تتفق في الاستناد إلى المرجعية العربية الجاهلية التي استقر فيها نظام القيم على نموذج يشيد بالمجد على أطراف الأسنة والرماح.

ولئن كانت المعاني الحماسية في أغلبها تقليدية فإنها تنتزع طرافتها من جمالية الصورة وإحكام البناء وقوة الإيقاع والخروج باللفظ من دائرة الاستخدام المألوف والانزياح به عن وظيفة محاكاة الواقع ونقله، ومن هنا تكمن إشكالية الدرس بحثا عن أوجه التماثل والتمايز بين شعراء الحماسة الثلاثة.

Commenter cet article